وادي الضياع
..
وَادِي الضَّيَاع
فِي ظَلَامٍ اللَّيْلِ . . حَيْث كَانَ الْقَمَرَ يَتَوَسَّط كَبِد السَّمَاءِ . . تحيطه النُّجُوم الصَّغِيرَة . . تَحْرُسُه مِن طارقات اللَّيَالِي . . .
كُنْت أَمْشِي . . كُنْت أَمْشِي إلَى حَيْثُ لَا أَدْرِي . .
كُنْت أَمْشِي . . وَلَم أَشْعُرْ بقطرات الْمَطَر الْمُنْحَدِرَة مِن السَّمَاءِ .
وَقَدْ تَجَمّعَتْ عَلَى الْأَرْضِ . .
وشكلت بَحْرًا مَنْ الْمَاءِ تَحْتَ قَدَمَاي الحافيتين .
وَاصَلَت رِحْلَتَي إلَى حَيْثُ لَا أَدْرِي . .
فَأَخَذْت الرِّيَاح تَتَلاطَم فِي وَجْهِي . .
وَأَنَا أَمْشِي
وفجأة . . .
تَوَقَّفَت رَحِمَه السَّمَاء بَعْدَ مُرُورِ اثْنَا عَشَرَ عَامًا .. مِن بِدَايَةِ رِحْلَتَي الطَّوِيلَة وَالشَّاقَّة فِي جَنَبَاتِ وَادِي الضَّيَاع ...
عِنْدَهَا ..
تَلاَشَى النُّور مِنْ حَوْلِي . . ضِمْنِيٌّ ظَلَام مُخِيف . . أَثْلَجَت الدُّنْيَا . .
رَقْصٌ الْخَوْف فِي قَلْبِي .. فَبَحَثْت مَرْعُوبًا وَجِلًا عَن نُورِ الشَّمْسِ .. طامعاً بِالدِّفْء وَالِاسْتِقْرَار
لَكِن هَيْهَات هَيْهَاتَ . .
فطريقي وَعْر طَوِيلٌ . . وَالْوُحُوش مِن حَوْلِي تتراقص طَرَبًا . .
وَأَنَا وَحِيدٌ . . قابِع بِبَطْن وادٍ مُخِيف . . لَا أَمْلِكُ سِوَى سلاحاً قَد عَفَى عَنْه الزَّمَن كنزته برحلتي الطَّوِيلَة . .
اسْتَنَدَت عَلَى جِسْمٍ ظَنَنْته صَخْرَة . . وأطرقت مُفَكِّرًا فِي طَرِيقِ لِلْخُرُوج مِنْ هَذَا الْوَادِي .
وفجأة . . . . لَاح لِي مِنْ بَعِيدٍ . . بريقاً حَسِبْتُه نُور . . صَرَخَت بِجُنُون . .
صَرَخَات أَمَل . . مَلَأَت جَنَبَات ذَلِك الْوَادِي الْفَسِيح وَرَدَّد صَدَاهَا كُلّ شِبْر فِيه . . اُنْتُزِعَت خَوْفِي . . ولملمت جِرَاحِيٌّ وَأُمْلِي . .
وهرعت إلَى هُنَاكَ . . نَحْو شُعَاع الضَّوْء . .
لَأَجِدُه ضوءاً ضئيلاً
يَخْرُجُ مِنْ شَمْعِهِ شَارَفْت عَلَى الرَّحِيلِ . . وَمَن حَوْلَهَا أُنَاسٌ مِثْلِي فَقَدُوا أَمَل التَّحَرُّر . . . أَمَل الْخُرُوج مِنْ بَطْنِ هَذَا الْوَادِي الْمُخِيف .
وَادِي الضـــــياع
١٤ أُغُسْطُس ٢٠٠٩م
٢٢ مِن شَعْبَانَ ١٤٣٠
صَحِيفَةٌ الثَّوْرَة الْعَدَد (١٦٣٤٧)
همدان محمد الكهالي
تعليقات
إرسال تعليق